لكن ان أظهرت لها استيائي او غضبي عن بعض أفعالها سواء بالاشارة أو بالكلام, فتبدأ بالصراخ والبكاء والضرب بحاله هستيرية, فتنقلب من طفلة بريئة الى وحش عنيف وكثيرا ما تؤذيني بضربها.فرغم أنها لا تعتذر لي عن ما بدر منها الا أنني أشعر أنها تشعر بالذنب. فبعد مرور الوقت ترجع علاقتنا وكأن شيئا لم يحدث..
حاليا صرت ابتعد عنها ولا أكلمها علها تبدأ وتعتذر -لا أتوقع اعتذاهاأبدا– لكنني متضايقة من ابتعادي عنها لكن ان رجعت فستهدر كرامتي!!!فجزاكم الله خير الجزاء على مجهودكم أسال الله ان يجعله في ميزان حسناتكم
اسم المستشير : منيرة
_________________________
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
ابنتي الحبيبة منيرة… شكر الله لك حسن اهتمامك بأختك ، من خلال فتح قلبك وعقلك معها في حوار دائم ومستمر ، ثم اللجوء لنا لأخذ الرأي والمشورة ، فهذا دليل وعيك ورجاحة عقلك ، فنعمَ الأخت أنتِ ، ونعمَ الابنة أنتِ.
ابنتي العاقلة … تعتبر المرحلة العمرية التي تعيشها أختك من أهم وأخطر المراحل العمرية على الإطلاق وهي مرحلة (المراهقة )، و بعض المراهقين يعبرون هذه المرحلة بهدوء ويستطيعون التكيف مع التغيرات الداخلية ومتطلبات الأسرة والمجتمع ، لكن البعض الآخر يمر بأزمات داخلية و صراعات داخل الأسرة ومع المجتمع.
من أبرز ما تتميز به تلك المرحلة هو محاولة المراهقة جذب انتباه المحيطين بها بشتى الوسائل فإن كانت لديها ما تتميز به من تفوق في الدراسة أو في أي نشاط آخر كالشعر أو الإلقاء أو التمثيل أو غير ذلك ، استطاعت صب كل اهتمامها في ذلك النشاط ، وإلا فتعمد إلى لفت انتباه الآخرين بعمل سيئ مثل إحداث خصومات مع الوالدين والأخوة أو المحيطين بها، ولهذا من المهم إيجاد متنفس لها لشغل وقت فراغها بما يفيدها ويشبع لديها هواية تحب ممارساتها.
وبعد التعرف علي السمات الأساسية لمرحلة المراهقة نوضح وسائل التعامل مع المراهق أو المراهقة،وهي كالتالي:
أولا – نبدأ بأهم وسيلة وهي ترسيخ مشاعر الحب بين المراهقة وأسرتها وبخاصة الأم أو الأخت الكبرى، مع إظهار مشاعر الحب، بحيث تشعر المراهقة بأن علاقة الحب هذه لا ولن تتبدل أو تتغير مهما حدث من مشاكل أو اضطراب فهي قاعدة آمنة و ثابتة لا يزلزلها أو يحركها شيء.
ثانيا- الصداقة ثم الصداقة ثم الصداقة ، ولهذا عليك باستمرارية الصداقة بينك وبين أختك مهما فعلت و كوني حيادية في التفكير إذا استشارتك في أمر ما، ووضحي لها ايجابياته وسلبياته بإيجاز وموضوعية، وبكل حكمة انهي الاستشارة بجملة واحدة هي افعلي ما تعتقدين أنه في صالحك؛ فالمراهقة تحتاج إلى العديد من الفرص لتتعلم من أخطائها علي ألا يكون ذلك في مخالفة لأمر شرعي أو سيترتب عليه إلحاق ضرر يصعب احتواءه.
ثالثا- المدح..والمقصود بالمدح ، مدح شخصها وتفكيرها وشكلها وجمال ملبسها المحتشم وحياءها وذوقها، ورجوعها للحق وأدبها وجميل أخلاقها، وليس من الضروري أن يكون هذا المدح في أشياء جميلة أو لافتة للنظر ، بل يكون المدح في أمور عادية ، ولكن نمدحها حتى نشجعها علي الاستمرار فيها. مع ملاحظة ألا نمدحها في أمر معيب أو خطأ ارتكبته أو سلوك خاطئ.
رابعا- الاحترام وتقدير الذات ، ويتم ذلك علي مرآي ومسمع من الجميع بحيث يكون ذلك سلوكا طبيعيا ،فالمراهقة لا تريد أن تعامل كطفلة، بل تريد أن تشعر بأنها فتاة ناضجة، مع ضبط النفس من الأهل عند الغضب والتعامل بهدوء ومرونة عند الخطأ، فيجب عدم التركيز علي التهديد والعقاب ،ولكن يكون قبول العذر هو الأساس، ويتم النقد للسلوك وليس للمراهقة، و التوقف تماما عن الانتقاد و السخرية حتى ولو على سبيل المزاح. كما يجب محادثة أختك بعد أن تهدأ ومناقشتها بهدوء وعقلانية والابتعاد عن المحاضرات . ولكن هذا لا يعني أن نلتمس كل العذر لأختك للتصرف بهذا السلوك معك أو مع أخوتها، ولكن علي الأم محاسبتها إذا ما تجاوزت في سلوكها وانفعالاتها ، والتركيز معها علي أنها مكلفة ومسئولة عن تصرفاتها وأن مثل هذه السلوكيات لا يرضي الله عنها ، ويكون ذلك بكل هدوء وحب واحترام وتقدير.
خامسا– تحمل المسئولية ،وذلك عن طريق إسناد بعض المهام إلي المراهقة في المنزل مثل المشاركة في تقدير ميزانية المنزل وشراء بعض الحاجيات الخاصة بالعائلة ،و تقديم المساعدة لها بمعاونتها علي انجاز ما تقوم به من عمل،وتحفيزها عند انجاز أي مهمة بالحوافز المعنوية كالشكر والثناء وإبداء الرضا عنها ، وأيضا بالحوافز المادية كالهدية وزيادة المصروف أو الخروج معها في مكان محبب إليها.
سابعا– إدماجها مع رفقة صالحة من الصديقات أو زميلات الدراسة أو القريبات اللائي يتسمن بالأخلاق الحميدة ، والمحافظة علي العبادات وطاعة الله فيكن عونا لها علي كل خير.
ثامنا– غرس التدين والضوابط الأخلاقية في نفس المراهقة من غض للبصر وحفظ للسمع مع تقوية الجانب الديني ، وإشعارها بأن الله رقيب عليها ومحاسبها علي كل أفعالها. وتعريفها أن من الأخلاق التحكم في الذات، والسيطرة على النفس، والتفاهم مع الناس بالكلمة الطيبة، وليس من الأخلاق اللسان السليط، ، ولكن الدين أمرنا أن نتعامل مع الناس بالحسنى، خصوصًا الوالدين. وهنا لفت نظري في رسالتك جملة شدتني ولفتت نظري وهي أن أختك بعد ثورتها تشعر بالذنب ، وهنا يجب استثمار هذا الشعور وتنميته ففيه الخير كل الخير وإن لم تتلفظ أختك بالاعتذار.كما أنصحك عزيزتي منيرة باللجوء إلي الرقية الشرعية مع أختك ، فبإذن الله ستتبدل ثورتها إلي هدوء وسكينة واطمئنان.
تاسعا– التلميح دون التصريح في لفت نظرها للسلوكيات الخاطئة المزعجة التي تقوم بها ، والتي تعتبر نوعا من الضغط أو الابتزاز العاطفي والتي تعتبر أيضا من السلوكيات السلبية التي أحيانا نعززها في بناتنا بحسن نية، واستعمال أسلوب الإقرار الذاتي ، بحيث تقوم أختك بالإقرار من نفسها علي نفسها بالخطأ الذي وقعت فيه ، وهذا يكون بالسؤال غير المباشر الذي يؤدي إلي الإجابة المباشرة.
عاشرا– إعطاء الفتاة المراهقة مساحة من الحرية المنضبطة، وإبداء الرأي والتعبير عما يجول بنفسها دون مقابلة ذلك بالنقد ،أو تصيد الأخطاء أثناء عرض وجهة نظرها، وعدم مقاطعتها كلما وجدتِ تناقض في كلامها أو خطأ، وذلك حتى لا تتراجع عن الصراحة معكِ، وأحسني الإنصات إليها ، وتبادلي الآراء معها وتعوديها علي عرض وجهة نظرها ، وتعريضها علي المواقف المختلفة التي تعودها المشاركة والمبادرة ، لكن هذا لا يعني ترك الحبل على الغارب ، فهناك ضوابط دينية و أخلاقية و اجتماعية لا بد من مراعاتها لكن المرونة مطلوبة. مع تجنب رفع الصوت عند النقاش أو النظر الحاد حتى لا يشيع هذا السلوك في البيت ويعتاده الأبناء.
أحد عشر- الدعاء الخالص لله سبحانه وتعالي لها بالهداية والصلاح والتضرع إليه خاصة في أوقات إجابة الدعاء، وكما يكون الدعاء بظهر الغيب ،أدعي لأختك أمامها أن يجعلها في أفضل حال ويرزقها ما تتمناه وشجعيها علي أن تدعو لنفسها بكل خير وتدعو لك أنت أيضا أن يرزقك الله الجنة.
ابنتي العاقلة منيرة… تحدثتِ عن دورك مع أختك في هذه المشكلة ،كما تحدثتِ عن أمك ،وإن كنت أري أن دور أمك يحتاج إلي مزيد من المتابعة ، كما أني لم أجد لدور الأب أي بيان في رسالتك ، لأنه لابد وأن يكون للأب دور، فالأب صاحب السلطة والسيطرة ، فلابد من تواجده ومعرفته بكل ما يحدث في البيت وما يخص أفراد عائلته ، علي أن يكون دوره يتسم بالهدوء والتوازن من جهة ، ومن الجهة الأخرى يتسم بالحسم والحزم وليس بالبطش، ويقرر الحل المناسب لأي إشكالية تحدث، كما يقرر أيضا العقاب المناسب دون الرضوخ أو التنازل عن حق أحد لصالح أخرمن أفراد الأسرة.
وفي الختام … أدعو الله لكِ ولأختك وبنات المسلمين أجمعين أن يحفظهن ويبعد عنهن السوء ورفيقات السوء ويجنبهن مزالق الفتن ويكن بإذن الله تعالي زهرات هذه الأمة يحملن رايات الإسلام خفاقة في كل مكان… اللهم آمين.